العائلات اللغوية واللغات السامية

,

العائلات اللغوية واللغات السامية
أ‌.       المقدمة
لقد مرّ التاريخ الإنساني بفترتين، هما: عصر ماقبل التاريخ حيث لم تظهر الكتابة، والعصر التاريخي وهو عصر بدأ بظهور الكتابة وتسجيل الحوادث، سواء فوق الصخور أو الجدران الأثرية أو فوق أوراق البردي أو الجلود. لكن في عصر ماقبل التاريخ كانت توجد بعض الرسومات التي رسمها أو نقشها الإنسان أثناء فراغه. لهذا فإنّ ظهور الفنون التصويرية كان أسبق من ظهور الكتابة اللغوية أو الأبجديات، رغم أن كثيرا من اللغات البدائية ظلت متداولة شفاهة، ولم تترك لها آثار مادية ليتدارسها الباحثون في اللغات. وقد انقرضت معظم لغات الشرق الأوسط ولم تبق إلا في النصوص الدينية فقط  ولعدة قرون.

اللغات السامية هي لغات تتبع العائلة الشمالية الشرقية للغات الأفريقية الآسيوية. وهي فرع استقل تدريجياً ليشكل ما يفترضه اللغويون من لغة سمّوها اللغة السامية الأم. وأما اللغة العربية هي احدى اللغات السامية, والعرب من الجنس السامي (نسبة إلى سام بن نوح) الذى كان يسكن الفرات أو بين النهرين, وحينما ضاقت به البلاد تفرقت فروعه فى أنحاء الأرض, فنزل الفرع العربي فى الجزيرة التى نسبت إليهم[1].

ب‌.اللغات السامية
        اللغات السامية هي لغات تتبع العائلة الشمالية الشرقية للغات الأفريقية الآسيوية. وهي فرع استقل تدريجياً ليشكل ما يفترضه اللغويون من لغة سموها اللغة السامية الأم. وتنسب هذه اللغة "للساميين" الذين "ينسبون" إلى "سام بن نوح"، الذي هو أبو الشعوب التي تتحدثها حسب الميثولوجيا الدينية اليهودية، وهو ما لم يعد متناسبا مع النظريات اللغوية الحديثة.
يتحدث باللغات السامية حاليا حوالي 467 مليون شخص، ويتركز متحدثوها حاليا في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أفريقيا. أكثر اللغات السامية انتشارا هذه الأيام هي العربية إذ يفوق متحدثيها 200 مليون متحدث ، تليها الأمهرية بـ27 مليون متحدث تليها التيغرينية بحوالي 6,7 ملايين متحدث، ثم العبرية بـ5 ملايين متحدث.
تتميز اللغات السامية بكونها أولى اللغات التي استعملت الأبجدية في كتابتها ومنها انتقلت إلى اليونانية واللاتينية. وجدت كتابات أكادية سامية تعود للألفية الثالثة قبل الميلاد أي قبل حوالي 5 آلاف سنة مما يجعلها من أقدم اللغات المكتوبة في العالم. انقرضت معظم لغات الشرق الأوسط غير السامية ولم تبق إلا في النصوص الدينية فقط.
وقد اختار الباحثون الغربيون هذه التسمية؛ حيث لاحظوا _ وهم يقسمون لغات العالم _ أَوْجُهَ شبهٍ بين مجموعة اللغات العربية والعبرية والحبشية والسريانية، والآشورية، والآرامية، وغيرها من اللغات؛ فاعتقدوا أنها _ في الأصل _ لغة واحدة، وأن أهلها يسكنون في بقعة واحدة، ثم تفرقوا في الأرض، وانتشروا، واختلفت ألسنتهم، وتباينت لغاتهم.

ت‌.أصل اللغة السامية
اختلف العلماء كثيراً حول تحديد المكان الأول الذي عاش فيه الساميون، وسلكوا للإجابة على السؤال مسالك متعددة، وخرجوا بآراء مختلفة تبعاً للمنهج الذي اعتمدوه في بحث المسألة، ومن أشهر ما قيل في ذلك:
1_ رأى بعض الباحثين أن يكون شمال أفريقيا أو بلاد الحبشة _ الموطن الأول للساميين، وأنهم نزحوا منها إلى جنوبي الجزيرة عن طريق باب المندب.
2_ واعتمد بعض العلماء على المأثورات الدينية؛ ففي قصة الطوفان أن السفينة رست عند منابع دجلة والفرات، فرأى بعض العلماء أن مرتفعات كردستان، أو بلاد أرمينية هي المكان المقصود، وافترضوا أن تكون موطناً للساميين.
_ وافترض بعض العلماء أن تكون بلاد كنعان _ الشام _ الموطن الأول للساميين، واعتمدوا في ذلك على دراسة الأساطير، والمأثورات الشعبية.
ولكن العلماء يعترضون على هذه النظرية بأن الانتقال من بلاد الشام الخصيبة إلى أرض الجزيرة انتقال شاق لا داعي له، وأن تلك الهجرات التي تمت في القرن الرابع ق.م تحتاج إلى الإبل التي ثبت أنها لم تستأنس إلا في الألف الثالث ق.م.
4_ ونظرية رابعة ترى أن سهول العراق وما بين النهرين هي البيئة الأولى التي نشأ فيها الساميون، وأول من قال بهذا الرأي العالم الإيطالي (جويدي) وتابعه على ذلك جماعة من العلماء.

ث‌.بداية البحث التاريخي و المقارن للغة السامية
أما البحث التاريخي والمقارن للغات السامية فهو وليد القرن التاسع عشر الميلادي، وقد برزت هذه البحوث على أيدي الغربيين بعد تطوير البحوث اللغوية، وللبحث التاريخي المقارن في اللغات السامية فوائد عديدة منها:
1_ معرفة تاريخ الشعوب السامية التي تتصل مع الشعوب بصلات القربى، وعاداتهم، وتقاليدهم، ودياناتهم، وحضاراتهم وأثر ذلك على العرب.
2_ أن البحث التاريخي المقارن يساعد على تفهم كثير من قضايا اللغة ويفسر بعض ظواهرها الصوتية واللفظية؛ فكثير من قضايا الدلالة كالترادف، والاشتراك، والإبدال يمكن أن يكشف البحثُ المقارن عن بعض غموضها، وأسباب حدوثها، كما أن هذا البحث يوضح كثيراً من التبدلات الدلالية.
 أما أهم الخصائص التي تجمع اللغات السامية فهي ما يلي:

 1- من الناحية الصوتية
 2- ومن الناحية الصرفية
 3- وزمن الفعل في اللغات السامية ينقسم إلى ماض، ومستمر
 4- وتعرِفُ اللغاتُ الساميةُ حالتين فقط من حيث الجنس، وهما المذكر والمؤنث
 5- أن اللغات السامية تُقَسِّم الاسم من حيث العدد إلى مفرد ومثنى وجمع
 6- وظاهرة الإعراب ظاهرة ساميَّةٌ قديمة
 7- ومما يربط بين اللغات السامية أننا نجد كثيراً من المفردات تتشابه معانيها، كالاشتراك في الضمائر، والأعداد، وأسماء الأسرة، وأعضاء الجسم، وبعض الألفاظ الدالة على المعيشة.

ج‌.  الاختتام
هذه كلها من المباحث التى يمكن أن نعرفها من الصفات والخصائص المشتركة بين اللغات السامية جعلت الباحثين يؤكدون أنها لغات لها أصل واحد، وهذا لا يعني أنه لا يوجد اختلافات بين هذه اللغات، فبالإضافة إلى ما أصاب اللغات السامية من تغيير في أصواتها، وما دخلها من ألفاظ واستعمالات _ فإن بينها فروقاً ليست قليلة في أداة التعريف، وعلامات التثنية والجمع، وكثير من المفردات.
أما أقدم لغة سامية، أو أقرب لغة سامية إلى الأصل المشترك، أو اللغة الأولى للساميين كما يتصورها العلماء _ فهو أمر مختلف فيه وإن كان أكثرهم يرى أن العربية أقرب اللغات إلى السامية الأولى؛ فالأبجدية الصوتية التي رسمها العلماء للسامية الأولى قريبة إلى حد ما من الألفبائية العربية، والعربيةُ لم تَفْقِد شيئاً من مخارجها، وحافظت على ظاهرة الإعراب كاملة، كما أن المفردات والتصريف، وتركيب الجملة السامية الأولى مما حافظت عليه العربية

       


[1]  تاريخ الأدب العربي, الجزء الأول, مقرر للصف الخامس, قسم المنهج الدراسي, كلية المعلمين الإسلامية, بمعهد دارالسلام كونتور الحديث للتربية الإسلامية, فونوروكو, ص : 2.

0 komentar:

Posting Komentar