العصر الجاهلى والحياة الجاهلية فى العرب

,
العصر الجاهلى (456-610م)
معنى الجاهلية :
يسمى العهد الذى قبل بعثة الرسول صلوات الله و سلامه عليه, عصر الجاهلية.
وقد وردت نصوص الإسلامية كثيرة فيها لفظ الجاهلية, من ذالك قول عمر رضي الله عنه : إنى نذرت فى الجاهلية ان اعتكف ليلة, وقول عائشة رضى الله عنها : كان الناح فى , الجاهلية على أربعة أنحاء, وقولهم : يا رسول الله كنّا فى الجاهلية و شرّ, وقالوا : شاعر جاهلىّ, و قال رسول صلى الله عليه و سلم : أربعة فى أمتى فى أمر الجاهلية.
[1]
وينبغى أن نعرف أن كلمة الجهلية التى أطلقت على هذا العصر ليست مستقة من الجهل الذى هو ضد العلم و نقيضه, إنما الجهل بمعنى السفة والغضب و النزق, فهى تقابل كلمة الإسلام التى تدل على الحضوع و الطاعة لله تعالى ومايطوى فيها من سلوك خلقى كريم. ودارت كلمة فى ذكر الحكيم والحديث النبوى والشعر الجاهلى بهذالمعنى من الحمية والطيش والغضب, ففى السورة البقرة ( قَالُوا أتتخذُنا هُزواً قال أعوذ با الله أن أكونَ من الجاهلين )[2], و فى سورة الأعراف ( خُذِ العفوَ وأمُر بالعُرفِ وأعرِض عن الجَاهِلِينَ )[3], وفى حديث النبوى أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لأبى ذرّ وقد عيّر رجلاً بأمه : " إنك امروء فيك جاهلية".
وواضح فى هذه النصوص جميعاً أن الكلمة استُخدمت من قديم الدلالة على السفة والطيس و الحمق[4], أى الجهل ضد العلم والمعرفة. وأصبح ذالك علماً على العصى الذى كان فى شبه الجزيرة العربية قبل مبعث محمد صلوات الله و سلامه عليه.

حروب و أيّام مستمرة
لعل أهم ما يميّز حياة العرب في الجاهلية أنها كانت حياة حربية تقوم على السفك الدماك حتى لكأنه أصبح سنّة من سنتهم. فهم دائماً قاتلون مقتولون, لايفرغون من دم إلا إلى دم, ولذالك كان أكبر قانون عندهم يخضع له كبيرهم وصغيرهم هو قانون الأخذ بالثأر, فهو شريعتهم المقدسة وهى شريعة تصطبغ عندهم بما يسبهم الصبغة الدينية, إذ كانو يحرمون على أنفسهم الخمر والنساء والطيب حتى يثأروا من غرمائهم. ولم يكن لأى فرد من أفراد القبيلة حق ولا ما يشبه الحق فى نقض هذه الشريعة ولا فى الوقوف ضدها أو الخروج عليها, فما هى أن يقتل أحد منهم, فإذا سيوف عشيرته مسلولة وتتبعها العشائر الأخرى فى قبيلته تؤازرها فى الأخذ بثأرها, ويتعدد القتال والثأر بينها و بين القبيلة المعادية, وتتوارثان الثارات حتى يتدخل من يصلح بينهما و يتحمل الديات والمغارم, ولم يكونوا يقبلونها إلا بعد تفاقم الأمر و إلا بعد أن تأتى الحرب على الرث والنسل, أما قبل ذالك فكانوا يعدون سُبَّة و عاراً.[5]


الحياة الجاهلية
كان الناس- عرباً وعجماً- يعيشون حياة جاهلية ، يسجلون فيها لكل ما خلق لأجلهم ويخضع لإرادتهم وتصرفهم ، لا يثيب الطائع بجائزة ولا يعذب العاصي بعقوبة ولا يأمر ولا ينهى ، فكانت الديانة سطحية طافية في حياتهم ، ليس لها سلطان على أرواحهم ونفوسهم وقلوبهم ، ولا تأثير لها في أخلاقهم واجتماعهم . كانوا يؤمنون بالله كصانع أتم عمله واعتزل وتنازل عن مملكته لا ناس خلع عليهم خلعة الربوبية .[6]
و كتب خالد لكحل[7] فى مجلة جامعة أم القرى أن هؤلاء الذين يعيشون فى العصرالجاهلية هم العرب من بني قحطان وموطنهم اليمن ، وبني إسماعيل وموطنهم الحجاز نجد أن معظم هذه القبائل العربية كانت تعيش حياة جاهلية فانتشر فيهم ظلام الشرك والكفر والضلال ، وفساد العقيدة، وابتعدوا عن دين الله الذي أرسل الله به إبراهيم وإسماعيل والأنبياء من قبل ومن بعد ، فعبدوا الأصنام والأوثان واعتقدوا بأنها آلهة يتقرب بها إلى الله تعالى . واتصفوا ببعض الخصال والأعمال الذميمة مثل شرب الخمر ولعب الميسر ، ووأد البنات ، وتبرج النساء والزنا ، وشن الغارات على بعضهم البعض للسلب والنهب ، والعصبية والطبقية القبلية.
[8]


الآلهة عند العرب الجاهلى :
وكان للعرب الجاهلى- شأن كل أمة مشركة في كل زمان ومكان- آلهة شتى من الملائكة والجن والكواكب ، فكانوا يعتقدون أن الملائكة بنات الله ، فيتخذونهم شفعاء لهم عند الله ويعبدونهم ويتوسلون بهم عند الله ، واتخذوا كذلك من الجن شركاء لله وآمنوا بقدرتهم وتأثيرهم وعبدوهم.
قال الكلبي : كانت بنو مليح من خزاعة يعبدون الجن.

انغمست الأمة في الوثنية وعبادة الأصنام بأبشع أشكالها ، فكان لكل قبيلة أو ناحية أو مدينة صنم خاص ، بل كان لكل بيت صنم خصوصي : قال الكلبي : كان لأهل كل دار من مكة صنم في دارهم يعبدونه ، فإذا أراد أحدهم السفر كان آخر ما يصنع في منزله أن يتمسح به ، وإذا قدم من سفر كان أول ما يصنع إذا دخل منزله أن يتمسح به أيضاً. واستهترت العرب في عبادة الأصنام. وكان في جوف الكعبة, البيت الذي بني لعبادة الله وحده, وفي فنائها ثلاث مائة وستون صنماً.[9]

وهناك آفات كانت تشيع فى هذه الجتمع الجاهلى, لعل أهمها الخمر واستباحة التساء والقمارأوالميسر, والخمر 
تجرى على كل لسان. وأكبر الدلالة على الشيوع هذه الآفات بينهم الآيات الكثيرة التى هاجمتها فى القرآن الكريم وما وضعه الإسلام لها من عقاب صارم حتى يكف العرب عنها, و قد شدد فى عقوبة استباحة النساء, وأكثر من النهى عن الخمر والميسر من مثل قوله تعالى :

يسألونك عن الخمرِ والميسرِ فيهما إثمٌ كبيرٌ و منافعُ للنّاسِ, وإثمهما أَكبَرُ من نَفعِهِمَا.[10]

و نجد فى الحديث النبوى نهياً كثيراً عنها و أن الله لعنها ولعن عاصرها ومعتصرها وشاربها[11], وقد جعل لها السول صلى الله عليه وسلم حدّاً : أربعين جلدة, ولما وجد العمر أن بعض العرب لا يزال يتوارط فى 
شربها رفع حدها إلى ثمانين جلدة.[12]


اليهودية والنصرانية في بلاد العرب :
وانتشرت اليهودية والنصرانية في بلاد العرب ، ولم تستفد منها العرب كثيراً من المعاني الدينية ، وكانتا نسختين من اليهودية في الشام ، والنصرانية في بلاد الروم والشام قد طرأ عليها من التحريف والزيغ والوهن .[13]


الأدب العربى فى العصر الجاهلية
العوامل المؤثرة فى الأدب العربى : أثرت عوامل كثيرة فى الأدب الجاهلى, منها البيئة العربية وحياةالعرب السياسية والاجتماعية والدينية ومعارهم العامّة ومدى اتصالهم بغيرهم من الأمم والشعوب.
ومن العوامل الأخرى التى لها أثر فى تهذيب اللغة هى الأسواق, و الأسواق العربية كان ميداناً لاجتماع العرب و تبادلهم التجارة. كما كانت سبباً فى دعم الوحدة و التفاهم بينهم و فى مزجهم بعضهم ببعض, وفى التقارب بين لغاتهم ولهجاتهم وكانت مع ذالك مجمعاً أدبياً كبيراً حيث كان يجتمع فيها الشعراء والخطباء فينشدون ويخطبون.[14]


الاحتتام
كان العرب فى العصر الجاهلى تتكون من بني قحطان وموطنهم اليمن ، وبني إسماعيل وموطنهم الحجاز و أن معظم هذه القبائل العربية كانت تعيش حياة جاهلية فانتشر فيهم ظلام الشرك والكفر والضلال. فهم دائماً قاتلون مقتولون لأن حياتهم حياة حربية , يعبدون الأصنام والملائكة والجن والكواكب ، فكانوا يعتقدون أن 
الملائكة بنات الله ،


فكان لكل قبيلة أو ناحية أو مدينة صنم خاص ، بل كان لكل بيت صنم خصوصي. وكان في جوف الكعبة, البيت الذي بني لعبادة الله وحده, وفي فنائها ثلاث مائة وستون صنماً. وهناك آفات كانت تشيع فى هذه الجتمع الجاهلى, لعل أهمها الخمر واستباحة التساء والقمارأوالميسر, والخمر تجرى على كل لسان.
والأدب العربى فى العصر الجاهلية يأثر كثيراً من البيئة العربية وحياةالعرب السياسية والاجتماعية والدينية ومعارهم العامّة ومدى اتصالهم بغيرهم من الأمم والشعوب, ومن أهمها هى الأسواق لأنها ميداناً لاجتماع 
العرب و تبادلهم التجارة.


المرجع
القرآن الكريم.
حديث النبوى.
 تاريخ الأدب العربى الجزء الأول, دارالسلام للطبعة والنشر.
شوقى ضيف, كتاب سلسله تاريخ الادب العربى - العصر الجاهلى, دار المعارف,  2003م.
 أبو الحسن علي الحسني الندوي, ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين, الطبعة الرابعة, موقع صيد الفوائد.
سنن أبى داود وابنى ماجه والنسائى والبخارى, المعارف الإسلامية.
مجلة جامعة أم القرى.



1. تاريخ الأدب العربى الجزء الأول, دارالسلام للطبعة والنشر, ص 9
2. سورة البقرة : 67
3. سورة الأعراف : 199
4. شوقى ضيف, كتاب سلسله تاريخ الادب العربى - العصر الجاهلى, دار المعارف,  2003م,
   ص 39
5. شوقى ضيف, نفس المرجع, ص 62
6. أبو الحسن علي الحسني الندوي, ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين, الطبعة الرابعة, موقع صيد الفوائد, ص 83
7. عضو في ملتقى أهل الحديث.
8. مجلة جامعة أم القرى
9. أبو الحسن علي الحسني الندوي, نفس المرجع, ص 51
10. سورة البقرة : 219
11. انظر كتاب الأشربة فى سنن أبى داود وابنى ماجه والنسائى والبخارى, و راجع دائرة
    المعارف الإسلامية فى مادة الخمر.
12. شوقى ضيف, نفس المرجع, ص 71-72
13. أبو الحسن علي الحسني الندوي, نفس المرجع, ص 52
14. تاريخ الأدب العربى الجزء الأول, , دارالسلام للطبعة والنشر, ص  10

0 komentar:

Posting Komentar